العالم

بابا نويل الذي لا تعرفه: قديس تركي سرق البحارة جثته وصنعته الرأسمالية!

كيف صمم البشر أسطورة بابا نويل؟

كتبت : منى حمدان

لطالما ارتبطت صورة بابا نويل بالبهجة والهدايا، لكن خلف هذا القناع اللطيف تكمن رحلة تمتد لأكثر من 1700 عام، تنقلت خلالها الشخصية من رداء الكهنوت الوقور في الشرق الأوسط إلى أيقونة تجارية عالمية تقود مبيعات المليارات في الغرب.

في هذا التقرير، تكشف “العاصمة والناس” النقاب عن “التطور البيولوجي” لأسطورة سانتا كلوز ومعلومات قد تسمعها لأول مرة.

الجذور الشرقية: القديس الذي لم يعرف الثلج

يبدأ بحثنا في مدينة “مير” القديمة بتركيا، لم يكن القديس نيقولاوس يرتدي الفراء أو يقود الغزلان؛ بل كان أسقفاً يرتدي الملابس الكنسية الرقيقة لمواجهة حرارة المتوسط.

معلومة جديدة:

هل كنت تعلم أن رفات القديس نيقولاوس تعرضت لـ”السرقة”؟

في عام 1087، قام بحارة إيطاليون بسرقة بقايا جسده من تركيا ونقلوها إلى مدينة “باري” الإيطالية.

هذا الحدث هو ما ساعد على انتشار شهرته في أوروبا، حيث تحول من قديس محلي في الشرق إلى “نجم” ديني في الغرب.

شطحات الخيال: كيف طار سانتا في الهواء؟

تعد “العربة الطائرة” و”الغزلان” من الإضافات المتأخرة جداً للأسطورة.

عام 1812: الكاتب الأمريكي واشنطن إيرفينغ (صاحب أسطورة سليبي هولو) كان أول من وصف “سانتا” بأنه يطير فوق أسطح المنازل في عربة سحرية، لكنه لم يذكر الغزلان.

عام 1823: ظهرت الغزلان الثمانية لأول مرة في قصيدة “ليلة قبل عيد الميلاد”.

عام 1939: وُلد الغزال “رودولف” (صاحب الأنف الأحمر) كحملة تسويقية لمتجر تجزئة، ليعالج فكرة التنقل في الضباب، وهو ما يثبت أن الأسطورة كانت تُعدل دائماً لتناسب احتياجات العصر.

بابا نويل “السياسي”: سلاح في الحروب

خلال الحرب الأهلية الأمريكية، استخدم الرسام توماس ناست شخصية بابا نويل كسلاح للدعاية.

صوره وهو يوزع الهدايا على جنود الاتحاد (الشمال)، مما أثار غضب جنود الكونفدرالية (الجنوب).

كانت تلك اللحظة هي التي حولت سانتا من شخصية دينية بحتة إلى رمز وطني واجتماعي يعزز المعنويات.

الاقتصاد السري لـ “سانتا كلوز”

اليوم، بابا نويل ليس مجرد أسطورة، بل هو محرك اقتصادي.

تشير التقديرات إلى أن “اقتصاد عيد الميلاد” يمثل في بعض الدول ما يصل إلى 25% من إجمالي مبيعات التجزئة السنوية.

هل اخترعت “كوكا كولا” اللون الأحمر؟

هذه واحدة من أكبر الأساطير الحضرية المرتبطة ببابا نويل.

الحقيقة هي أن بابا نويل ظهر بالرداء الأحمر قبل حملات “كوكا كولا” الإعلانية بعقود.

مابين 1860 – 1880: قام الرسام الكاريكاتيري توماس ناست برسم بابا نويل في مجلة “هاربرز ويكلي” ببدلة حمراء وحزام أسود عريض.

عام 1931: استخدمت شركة كوكا كولا الرسام “هادون سوندبلوم” لرسم سانتا كلوز لأغراض ترويجية، وقد اعتمد على رسومات ناست السابقة لكنه أضاف لمسة إنسانية وضحكة أكثر دفئاً، مما ساعد في تثبيت هذه الصورة في الوجدان العالمي.

لماذا يرتدي الأحمر والأسود؟

بعيداً عن قصة “كوكا كولا”، يرى علماء النفس أن اختيار اللون الأحمر واللحية البيضاء يعزز مشاعر “الثقة” و”السلطة الأبوية” و”الدفء”، وهي عوامل نفسية مدروسة بعناية في الحملات الإعلانية الحديثة لجذب الأطفال والآباء على حد سواء.

سانتا حول العالم: أسماء لا تعرفها

إذا سافرت حول العالم، ستجد أن بابا نويل يتغير جلده:

في إيطاليا: هناك “بافانا” (Befana)، وهي ساحرة طيبة توزع الهدايا.

في روسيا: يُعرف بـ “ديد موروز” (جد الشتاء)، ويرتدي غالباً معطفاً أزرق طويلاً ويرافقه حفيدته “سنيغوروتشكا”.

في هولندا: “سينتركلاس” يصل على متن سفينة من إسبانيا وليس من القطب الشمالي.

الخلاصة

بابا نويل هو الشخصية الأكثر “مرونة” في التاريخ؛ فقد بدأ كقديس تركي، ثم صار مهاجراً هولندياً، ثم بطلاً في الحرب الأهلية الأمريكية، لينتهي به المطاف كأكبر مندوب مبيعات في التاريخ.

إنها قصة تعكس قدرة البشر على إعادة ابتكار الأساطير لتناسب أحلامهم… واحتياجاتهم التجارية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى