اقتصاد

5 خطوات عملية تضع المنطقة العربية على عرش التكنولوجيا العالمية في 2026

 كتبت : منى حمدان

إذا كان عام 2025 قد سُجل في التاريخ باعتباره عام “الانفجار الرقمي” الكببر في الخليج ومصر، فإن عام 2026 يطرق الأبواب ليكون عام “الاستدامة والتمكين”.

إن التحدي الحقيقي اليوم ليس في الوصول إلى القمة، بل في التمركز فوقها عبر الانتقال من مرحلة “بناء البنية التحتية” إلى مرحلة “صناعة الابتكار الأصيل”.

أولاً: من الآلة إلى الإنسان.. الاستثمار في “العنصر البشري”

تؤكد المؤشرات أن الحفاظ على الزخم الرقمي في 2026 يبدأ من المقاعد الدراسية.

يجب على العواصم الرقمية الثلاث (الرياض، دبي، والقاهرة) تحويل المبادرات التقنية من مجرد مشاريع مؤقتة إلى مناهج تعليمية حية.

ثانياً: “السوق الرقمية المشتركة”.. قوة الـ 150 مليون مستهلك

المكسب الحقيقي في 2026 لن يكون في نجاح كل دولة بمفردها، بل في خلق تكامل تقني عابر للحدود.

تخيلوا تطبيقاً مصرياً ناشئاً يجد طريقه للنمو في السعودية بسلاسة تشريعية تامة، أو سحابة حوسبة سعودية-إماراتية تخدم الشركات في القاهرة.

إن توحيد القوانين المنظمة للبيانات والتجارة الإلكترونية بين الخليج ومصر سيخلق سوقاً ضخمة تضم أكثر من 150 مليون مستهلك رقمي، مما يجبر عمالقة التكنولوجيا في العالم على الاستثمار في منطقتنا بشروطنا السيادية.

ثالثاً: “الذكاء الاصطناعي السيادي”.. الانتقال من المستخدم إلى المطور

في عام 2025، نجحت المنطقة في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بكفاءة، ولكن في 2026، الشعار هو “السيادة الرقمية”.

وهذا يعني امتلاك مراكز البيانات، ونماذج اللغات الضخمة (LLMs) الخاصة بنا.

إن امتلاك “شيفرة المستقبل” هو الضمان الوحيد لضمان ألا يظل أمننا الرقمي مرهوناً بقرارات شركات “سيليكون فالي” الأمريكية، ولضمان استمرار الزخم الاقتصادي بعيداً عن التجاذبات الجيوسياسية.

رابعاً: التوسع في “التمويل الجريء” للمشاريع العميقة (Deep Tech)

يجب أن يتحول التركيز التمويلي في 2026 من تطبيقات التوصيل والتجارة البسيطة إلى التكنولوجيا العميقة؛ مثل الحوسبة الكمومية (Quantum Computing)، وتكنولوجيا الفضاء، والتكنولوجيا الحيوية.

هذا النوع من الاستثمار هو الذي يصنع الفارق ويخلق وظائف عالية القيمة تحافظ على بقاء “العقول المبدعة” في المنطقة.

5 خطوات لترسيخ السيادة

لتحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس، حدد الخبراء 5 خطوات عملية يجب البدء بها فوراً:

تدشين “البنك العربي للاستثمار الجريء”:

تخصيص صندوق سيادي مشترك بين دول الخليج ومصر لتمويل أبحاث الحوسبة الكمومية والفضاء، لضمان بقاء الشركات الناشئة الكبرى (Unicorns) في المنطقة بدلاً من هروبها للبورصات العالمية.

إطلاق “تأشيرة المبدع الرقمي الموحدة”:

على غرار “شنغن” الأوروبية، لخلق مسار قانوني يسهل انتقال المبرمجين بين الرياض ودبي والقاهرة دون عوائق، مما يحول المنطقة إلى “سوق عمل تقني واحد”.

بناء “سحابة الحوسبة السيادية”:

إنشاء مراكز بيانات عملاقة مملوكة محلياً وتدار بعقول عربية لتخزين البيانات الحساسة، حمايةً للأمن القومي الاستراتيجي.

“تعريب” الذكاء الاصطناعي:

تطوير نماذج لغوية ضخمة (مثل نموذج “جايس” الإماراتي) لتصبح معياراً إقليمياً يفهم المحتوى القانوني واللغوي العربي.

إنشاء “الأكاديمية الرقمية العابرة للحدود”:

شراكة بين كبرى الجامعات المصرية والمراكز التقنية في الخليج لتدريب 500 ألف مبرمج سنوياً، لتحويل الثروة البشرية إلى “وقود رقمي” لا ينضب. 

مستقبل 2026

إن الزخم الرقمي الذي نعيشه اليوم هو أمانة في أعناقنا للأجيال القادمة.

إن عام 2026 يطرق الأبواب بفرص لا حصر لها، وإذا استطعنا دمج طموح الخليج المالي مع عبقرية العقل المصري البشرية، فإننا لن نكون مجرد “وجهة” للتكنولوجيا، بل سنصبح “المصدر الأول” لها للعالم أجمع.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى