تصعيد أمريكي خطير في صعدة.. غارات جوية تستهدف مواقع الحوثيين وسط توتر إقليمي متزايد

في تصعيد خطير يعكس التوتر المتزايد في الساحة اليمنية، شنت الولايات المتحدة في الساعات الأولى من اليوم الخميس، الأول من مايو 2025، سلسلة غارات جوية مركزة استهدفت مواقع تابعة لجماعة الحوثي في محافظة صعدة شمالي اليمن. وتأتي هذه الهجمات ضمن سياق تصعيد مستمر منذ منتصف مارس الماضي، على خلفية الهجمات الحوثية ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والتي تعتبرها واشنطن تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي والمصالح الإقليمية.
وفي ظل غياب تعليق رسمي من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، تزايدت التساؤلات حول مدى توسع نطاق العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن، واحتمالية تحولها إلى حملة ممتدة قد تشعل المنطقة بأكملها. التقرير التالي يرصد بالتفصيل ما جرى في الساعات الأخيرة، ويستعرض أبعاد الغارات الأمريكية على صعدة.
أولًا: تفاصيل الغارات الأمريكية على صعدة
1. ضربات مركزة على مديرية كتاف
أفادت مصادر إعلامية محلية بأن الطيران الأمريكي نفذ ثلاث غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية في مديرية كتاف، إحدى أبرز معاقل الحوثيين في محافظة صعدة. ووفقًا لتقارير ميدانية، فإن الأهداف كانت عبارة عن مخازن أسلحة ومواقع عمليات قتالية يستخدمها الحوثيون في إدارة جبهاتهم بالشمال.
2. استهداف متزامن لمحافظتي الحديدة وصعدة
بحسب ما نقلته شبكة “صوت بيروت إنترناشونال”، فقد امتدت الغارات الأمريكية لتشمل محافظة الحديدة الواقعة على الساحل الغربي لليمن. وتم استهداف مواقع عسكرية يُعتقد أنها مرتبطة بإطلاق الطائرات المسيّرة والصواريخ الباليستية نحو السفن التجارية في البحر الأحمر.
3. قصف العاصمة صنعاء ومحافظة الجوف
إلى جانب صعدة والحديدة، شنت القوات الأمريكية غارات على أطراف العاصمة صنعاء، بالإضافة إلى محافظة الجوف شمال شرق البلاد. وأفادت مصادر يمنية بأن الغارات أصابت مواقع لتخزين الأسلحة ومراكز عمليات ميدانية.
4. الحوثيون يقرّون بالهجوم
وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي أكدت تعرض مواقعهم في صعدة لثلاث غارات أمريكية، ووصفتها بـ”العدوان الأمريكي الغاشم”، متوعدة بالرد في الزمان والمكان المناسبين، دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن حجم الخسائر.
ثانيًا: توقيت الغارات وسياقها السياسي
1. ارتباط مباشر بهجمات البحر الأحمر
تأتي الغارات الأمريكية الأخيرة في أعقاب سلسلة من الهجمات التي شنتها جماعة الحوثي ضد السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب، ضمن ما تقول الجماعة إنه دعم للمقاومة الفلسطينية. وقد صرحت واشنطن مرارًا بأن هذه العمليات تهدد الملاحة الدولية، وتستوجب ردًا حازمًا.
2. تهديدات أمريكية لإيران
في تطور موازٍ، أطلقت الولايات المتحدة تحذيرات شديدة اللهجة لطهران بشأن دعمها للحوثيين. وقالت مصادر دبلوماسية إن واشنطن قد تفرض عقوبات إضافية أو حتى تستهدف مواقع إيرانية حال استمرت طهران في دعم الجماعة.
3. تصعيد ميداني قبل المفاوضات
تزامن التصعيد العسكري مع استئناف المحادثات النووية غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، ما يُفسَّر على أنه محاولة من واشنطن للضغط على طهران عبر استهداف حلفائها في اليمن.
ثالثًا: ردود الفعل اليمنية والإقليمية
1. صمت حكومي يمني وتنديد حوثي
لم تصدر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أي بيان بشأن الغارات الأمريكية، بينما اكتفى الحوثيون بإدانة الهجوم عبر وسائلهم الإعلامية. ويُتوقع أن تشهد الأيام المقبلة تحركات سياسية ودبلوماسية للرد على التصعيد.
2. ردود دولية محدودة
حتى الآن، لم تصدر مواقف رسمية واضحة من الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، باستثناء بيانات مقتضبة دعت إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد.
رابعًا: التحليل العسكري والتكتيكي
1. طبيعة الأهداف ونوعية الغارات
تشير الضربات إلى أن واشنطن تستهدف البنية التحتية العسكرية التي يستخدمها الحوثيون في شن هجماتهم البحرية، خاصة قواعد إطلاق الطائرات والصواريخ، ومراكز التحكم والقيادة.
2. توقيت الهجوم وأثره العملياتي
التوقيت المبكر للهجوم فجرًا، والانتشار الجغرافي للغارات، يدلان على رغبة أمريكية في شلّ قدرة الحوثيين على الرد المباشر، أو تقليص قدرتهم على تنفيذ عمليات جديدة في البحر.
خامسًا: السيناريوهات المحتملة للتصعيد
1. استمرار الغارات وتوسيع نطاقها
في حال استمرت الهجمات الحوثية ضد السفن، من المرجح أن توسع واشنطن ضرباتها لتشمل مواقع إضافية، وربما تدخل على الخط ضربات إسرائيلية أو من حلفاء آخرين.
2. انخراط إيران بشكل مباشر
تصاعد الضغوط على طهران قد يدفعها للرد عبر وكلائها في العراق أو سوريا، ما قد يؤدي إلى اتساع رقعة الاشتباك في الإقليم.
3. تحرك دولي لاحتواء الأزمة
في المقابل، قد تقود الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي جهودًا لخفض التصعيد، والدعوة لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات.
تشكل الغارات الأمريكية على صعدة تطورًا خطيرًا في المشهد اليمني، وتعيد الصراع إلى واجهة الاهتمام الدولي، بعد فترة من الهدوء النسبي. وبينما تتعالى الأصوات المنادية بضرورة التهدئة، يبدو أن واشنطن قد قررت خوض مرحلة جديدة من المواجهة مع الحوثيين، في رسالة واضحة لإيران بأن دعمها للجماعة لن يمر دون ثمن. ومع استمرار الغموض بشأن الخطوات التالية، يبقى اليمن أرضًا مفتوحة على جميع الاحتمالات، بين تصعيد محتوم أو انفراج غير متوقع.
- للمزيد : تابع العاصمة والناس، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .