السيادة مصرية: أسرار احتكار مصر لألقاب الاسكواش الدولية في مقابل فشل وتراجع باقي اللعبات؟

كتبت: رنيم شكري
في حدث اعتاده عشاق الرياضة العالمية، تُوج مصطفى عسل، نجم مصر ونادي بالم هيلز ببطولة العالم للإسكواش، وذلك بعد الفوز على علي فرج، في الدور النهائي.
وتغلب مصطفى عسل على مواطنه علي فرج في الدور النهائي من بطولة العالم، التي أُقيمت في ولاية شيكاغو الأمريكية.
الواقع أن هذا ليس غريبا بالنسبة للاعبين المصريين، وليس مستغربا أن يحصد لاعبي الاسكواش ألقاب كافة البطولات العالمية والدولية، لتكرس مصر سيطرتها على اللعبة التي أصبحت “رياضة وطنية” بامتياز.
لكن هذا النجاح يطرح تساؤلات عن سر التفوق المصري في الاسكواش مقابل تراجع الأداء في ألعاب أخرى خاصة الأوليمبية منها.
لماذا تنجح مصر في الاسكواش؟
أ. البنية التحتية والاستثمار في الناشئين
-
تمتلك مصر مراكز تدريب عالمية للاسكواش (مثل الأكاديمية الوطنية بالغردقة)، ببنية تحتية تنافس دولاً متقدمة.
-
اتباع نظام “احتضان المواهب مبكرًا” عبر بطولات المدارس والأندية، واكتشاف اللاعبين من سن 10-12 سنة.
ب. الثقافة المجتمعية والبطولات المحلية
-
انتشار نوادي الاسكواش في المدن الكبرى (القاهرة، الإسكندرية) مع إقبال عائلي على اللعبة.
-
دوري مصري قوي يُنظّم سنويًا، مما يخلق منافسة محلية شرسة تُهيئ اللاعبين للمستوى العالمي.
ج. الإرث التاريخي والقدوات
-
بدأ التميز المصري مع عصر أحمد برادة وعمرو شبانة في التسعينيات، ثم رامي عاشور الذي حكم اللعبة لعقد كامل.
-
وجود لاعبات مثل نوران جوهر ونور الشربيني يُحفز الأجيال الجديدة.
د. الدعم المؤسسي والرعاية
-
اتحاد الاسكواش المصري من أكثر الاتحادات تنظيمًا، بشراكات مع القطاع الخاص (مثل جي تي إسكواش).
-
الحكومة المصرية تدرج الاسكواش ضمن “الرياضات ذات الأولوية” في الميزانيات.
2. لماذا الفشل في الألعاب الأوليمبية؟
أ. غياب التخطيط الاستراتيجي
-
معظم الألعاب الجماعية (كرة القدم، كرة اليد) تعاني من سوء إدارة، بينما الاسكواش يُدار بكفاءة.
-
عدم وجود “أكاديميات أوليمبية” متخصصة كما في كينيا (ألعاب القوى) أو الصين (التنس).
ب. قلة الدعم المالي
-
تُوجه الأموال إلى رياضات جماعية ذات عائد إعلامي (مثل كرة القدم)، بينما تُهمل ألعاب القوى والسباحة.
-
الاعتماد على “المواهب الفردية” دون نظام تطوير شامل (مثال: فشل مصر في رفع الأثقال رغم إمكاناتها).
ج. العوامل الثقافية
-
الاسكواش لعبة فردية، مما يتناسب مع ثقافة التفوق الفردي في مصر، بينما تتطلب الألعاب الأوليمبية عمل فرق متعددة التخصصات.
3. نور الشربيني vs. هانيا الحمامي: صراع الأجيال
-
نور الشربيني (28 عامًا): تسعى لتثبيت نفسها كأفضل لاعبة في العالم بعد تتويجاتها السابقة (بطلة العالم 3 مرات).
-
هانيا الحمامي (24 عامًا): تمثل الجيل الجديد، وتُظهر تطورًا تقنيًا استثنائيًا تحت إشراف مدربين مصريين.
-
النهائي يؤكد أن مصر لا تنتج أبطالًا فرديين فحسب، بل تُصدّر منافسة داخلية تُثري المستوى العالمي.
يُثبت تفوق مصر في الاسكواش أن الهيمنة الرياضية ممكنة عندما تتوفر عوامل النجاح الأساسية، مثل رؤية واضحة من الاتحاد تُحدد الأهداف وتضع خططًا طويلة المدى، واستثمار حقيقي في الناشئين عبر اكتشاف المواهب مبكرًا وتطويرها في بيئة تنافسية. كما تلعب البنية التحتية المتخصصة دورًا محوريًا، مع وجود مراكز تدريب عالمية مجهزة بأحدث التقنيات، فضلًا عن القدوات الناجحة مثل رامي عاشور ونور الشربيني، الذين يُلهمون الأجيال الجديدة ويرفعون سقف الطموحات.
لتحقيق إنجازات مماثلة في المحافل الأولمبية، يجب إصلاح الاتحادات الرياضية وتخليصها من البيروقراطية والفساد، مع توجيه الدعم المالي نحو الرياضات الفردية الواعدة مثل ألعاب القوى والسباحة، بدلًا من التركيز فقط على الرياضات الجماعية. كما أن تبني نماذج إدارية ناجحة – على غرار اتحاد الاسكواش – سيساهم في بناء منظومة متكاملة، تعتمد على التخطيط العلمي والشفافية، مما قد يُخرج مصر من دائرة الفشل الأولمبي إلى منصات التتويج.
بينما تحتفي مصر ببطولة جديدة في الاسكواش، فإن التحدي الأكبر هو نقل هذه التجربة إلى ألعاب أخرى. فلو حظيت الرياضات الأوليمبية بنصف الدعم الذي تحصل عليه الاسكواش، قد نرى مصر في مصاف الدول العظمى رياضياً.