قضايا ومتابعات

الموجة الـ 26 لإزالة التعديات.. استعادة ثروات مصر المهدرة، وكيف تستفيد منها الدولة؟

كتبت: فاطمة إسماعيل

شهدت مصر في الآونة الأخيرة سلسلة من الحملات التي تستهدف إزالة التعديات على أراضي الدولة، وهي خطوة حاسمة من أجل الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة وضمان استدامة موارد البلاد، تعتبر “الموجة 26” لإزالة التعديات واحدة من أبرز هذه الحملات، التي أطلقتها الحكومة المصرية في 10 مايو 2025 وتستمر حتى 25 يوليو 2025، بهدف استرداد الأراضي التي استولت عليها بعض الجهات غير القانونية، سواء كانت أراضٍ زراعية أو أملاك دولة غير مستغلة.

تسعى الدولة من خلال هذه الحملة إلى فرض هيبتها على أراضيها، وضمان استخدام هذه الأراضي في مشروعات تنموية تفيد المجتمع ككل، بالإضافة إلى الحفاظ على موارد الدولة وضمان توزيعها بطريقة عادلة ومتكافئة.

أهداف الحملة:

تسعى “الموجة 26” لإزالة التعديات إلى تحقيق عدة أهداف رئيسية، تشمل:

  1. استرداد الأراضي المستولى عليها: إزالة كافة التعديات التي تمت على أراضي الدولة، سواء كانت تعديات زراعية أو على الأراضي غير المستغلة.

  2. تعزيز سيادة القانون: التأكيد على أن الدولة لن تسمح بأي شكل من أشكال التعدي على حقوقها، وأن تطبيق القانون هو الأساس في كل التعاملات.

  3. حماية حقوق الأجيال القادمة: هذه الحملة تهدف إلى ضمان أن الأراضي المملوكة للدولة ستبقى ملكًا للأجيال القادمة وأنها ستُستخدم في ما يفيد الوطن والمجتمع.

  4. تعزيز التنمية المستدامة: عبر استرداد الأراضي، ستتمكن الدولة من استخدامها في مشروعات تنموية تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.

حجم الأراضي المستولى عليها وقيمتها:

التقارير والتقديرات لحجم الأراضي التي تم الاعتداء عليها متباينة وتصل إلى  ثلاثة ملايين فدان، وتزيد قيمتها عن ثلاثة تريليون جنيه مصري. ولكنها تظل تقديرات عامة من دون تأكيدات رسمية قاطعة. 

آخر تقرير للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية حجم أراضى الدولة المغتصبة والمستولى عليها ووضع اليد، والتى تغير نشاطها، بـ2.1 مليون فدان تقريبا بمختلف محافظات الجمهورية شاملة الطرق الصحراوية، وذلك بقيمة مستحقات تصل لـ140 مليار جنيه، ملف الأراضى المنهوبة قادر بمفرده على سد العجز فى الموازنة العامة للدولة، حال العمل ليه بجدية.

كيف تستفيد الدولة من الأملاك المستردة؟

  1. إعادة تخصيص الأراضي للمشروعات التنموية: يمكن تخصيص الأراضي المستردة لتنفيذ مشروعات إسكانية على مستوى المدن الجديدة أو مشروعات تنموية أخرى مثل مشروعات الطاقة المتجددة، الصناعات التحويلية، أو مشروعات الأمن الغذائي. في ظل التزايد السكاني في مصر، يصبح توفير الأراضي لبناء مدن جديدة أمرًا حيويًا لتلبية احتياجات المواطن المصري.

  2. تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي: من خلال استرداد الأراضي الزراعية، يمكن للحكومة إعادة تخصيصها في مشروعات زراعية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية الهامة. ويمكن أن تساهم هذه الأراضي في مشاريع التنمية الزراعية مثل زراعة المحاصيل الاستراتيجية أو إقامة مزارع متطورة.

  3. تعزيز الاقتصاد الوطني: بعد استعادة أراضي الدولة، يمكن تحقيق دخل إضافي من خلال بيع الأراضي في المزادات العامة أو تأجيرها. هذا سيؤدي إلى تعزيز الموارد المالية التي يمكن استثمارها في مشروعات جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

  4. خلق فرص عمل: من خلال استثمار هذه الأراضي في مشروعات كبيرة، ستحقق الدولة العديد من الفرص الوظيفية للشباب، مما يساهم في تقليص معدلات البطالة. كما سيسهم استغلال الأراضي المستردة في تنمية المناطق التي تمت استعادة أراضيها.

  5. الحفاظ على البيئة: استخدام الأراضي بطريقة مستدامة، وتخصيصها في مشروعات تهدف إلى الحفاظ على البيئة مثل مشروعات الطاقة المتجددة، سيسهم في تحسين الوضع البيئي على المدى الطويل.

التحديات التي تواجه الحملة:

على الرغم من النجاح الكبير الذي تحققه الموجة الـ26، إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجه هذه الحملة، ومنها:

  1. مقاومة التعديات: البعض من المعتدين على الأراضي قد يرفضون فكرة إزالة التعديات، مما يتطلب تدخل الأجهزة الأمنية بشكل أكبر لضمان تنفيذ القانون وحماية أراضي الدولة.

  2. تعدد أشكال التعديات: تشمل التعديات في بعض الأحيان بناء منشآت أو إقامة مشروعات تجارية على الأراضي المملوكة للدولة، مما يصعب عملية استرداد الأراضي بشكل سلس.

  3. الضغط الشعبي: بعض الأسر والعائلات التي استولت على الأراضي بشكل غير قانوني قد تجد نفسها أمام تهديد بفقدان مصدر رزقها، مما قد يتسبب في احتجاجات واعتراضات، مما يستدعي معالجات إنسانية لاحتواء الأزمة.

  4. تكلفة العملية: تعتبر عملية إزالة التعديات أمرًا مكلفًا، حيث تتطلب تكاليف اقتصادية وأمنية كبيرة، ولكن في المقابل فإن العوائد الاقتصادية من استرداد هذه الأراضي ستفوق تلك التكاليف.

الآليات المعتمدة لتنفيذ الحملة:

  1. التعاون بين الأجهزة الأمنية: تعمل الشرطة العسكرية والأمن العام والمحليات على التنسيق لإزالة التعديات وضمان تنفيذ الحملة بكل حزم.

  2. التكنولوجيا الحديثة: استخدام الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة لرصد التعديات على الأراضي بشكل دقيق وسريع، مما يساعد في تحديد الأراضي المستولى عليها.

  3. التشريعات القانونية: تم تعديل بعض التشريعات لتيسير عملية إزالة التعديات وتغليظ العقوبات على المعتدين، وهو ما يساهم في تحسين فعالية الحملة.

  4. إشراك المجتمع المدني: تعتمد الحملة على إشراك المجتمع المدني في التوعية بأهمية الحفاظ على أراضي الدولة، وذلك من خلال حملات إعلامية مستمرة.

تمثل “الموجة 26” لإزالة التعديات على أراضي الدولة خطوة هامة في تاريخ مصر الحديث، حيث إتها لا تهدف فقط إلى استرداد الأراضي المنهوبة، بل أيضًا إلى ضمان استخدامها بشكل يحقق التنمية المستدامة التي تساهم في رفاهية المواطنين وتعزز الاقتصاد الوطني، تعكس هذه الحملة عزم الدولة على استعادة هيبتها، وضمان استدامة مواردها الطبيعية للأجيال القادمة. وفي ظل هذه الجهود الكبيرة، من المتوقع أن تشهد مصر مرحلة جديدة من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

زر الذهاب إلى الأعلى