بعد زيارة ترامب لدول الخليج.. صفقات ترليونية، وخطة مشبوهة لقطاع غزة، وموقف عربي مثير للجدل

كتبت: فاطمة اسماعيل
في زيارة مثيرة للجدل إلى دول الخليج، أبرم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سلسلة من الاتفاقيات الاقتصادية والعسكرية مع السعودية وقطر والإمارات، بلغت قيمتها الإجمالية مئات المليارات من الدولارات، تضمنت هذه الصفقات استثمارات ضخمة في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا والبنية التحتية، بالإضافة إلى صفقات أسلحة متقدمة.
لكن ما أثار القلق هو تصريحات ترامب التي اقترح فيها تحويل قطاع غزة إلى مشروع عقاري ضخم، يتضمن نقل سكانه الفلسطينيين إلى دول أخرى، وهو ما وصفه العديد من المراقبين بـ”التطهير العرقي”، هذه التصريحات لاقت ترحيبًا من الحكومة الإسرائيلية، بينما قوبلت برفض من معظم الدول العربية، التي لم تجرؤ على اتخاذ مواقف حازمة، بل اكتفت بالتحفظ.
تشهد القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة تصعيداً خطيراً في محاولات تصفيتها على يد قوى دولية بقيادة الولايات المتحدة، مدفوعة بشراكة استراتيجية غير خفية مع إسرائيل، وسط صمت عربي يزداد عمقاً مع كل استحقاق سياسي أو إنساني يخص غزة أو باقي الأراضي الفلسطينية. جاءت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى دول الخليج في مايو 2025 لتؤكد أن الأطماع الأمريكية لم تعد تقتصر على الأبعاد السياسية، بل اتخذت طابعاً اقتصادياً وتجاريًا يُعامل القطاع كـ”صفقة عقارية” باردة، تُدار على طاولة المصالح.
الحزن والألم والحسرة الذي يخيم على الشعوب العربية بسبب الموقف المتخاذل من رؤساء الدول العربية تجاه فلسطين وأهلها المنكوبين وعجز الدول العربية وضعفهم لتقديم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين على أقل تقدير، بجانب ذلك تعاونهم مع أمريكا وتوجيه الاستثمارات لهم بمبالغ مالية وصلت للمليارات، رغم أن أمريكا هي الداعم الأول والرئيسي للاحتلال الإسرائيلي لفلسطين ودفعهم بالمال والسلاح لقتل الشعب الفلسطيني وتجوعيهم وتدمير كل منافذ الغذاء والمساعدات، حتى أصبحت الحرب في غزة ليست قتل بالسلاح ولكنها وصلت لحرب المجاعة بتجويع أهلها أصحاب الأرض المظلومين، الذين تحملوا ولا يزالون يتحملون الحرب دفاعا وتمسكًا بأرضهم وأرض أجدادهم.
العديد من القوى السياسية والشعبية دعت إلى ضرورة اتخاذ مواقف أكثر صرامة، بما في ذلك قطع العلاقات مع الدول المشاركة في هذه الصفقات، ووقف التعاون الأمني والاقتصادي مع الولايات المتحدة وإسرائيل. لكن حتى الآن، لم تصدر أي خطوات ملموسة من الحكومات العربية لمواجهة هذه التحديات.
تطرح هذه التطورات تساؤلات حول مصير القضية الفلسطينية، وموقف الدول العربية من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، ومدى قدرتها على اتخاذ مواقف مستقلة تعبر عن إرادة شعوبها.
أولاً: الأطماع الأمريكية في غزة
الخطاب الأمريكي الجديد بشأن غزة تجاوز الاعتبارات الإنسانية والسياسية، ليطرح مقترحات بتفريغ القطاع من سكانه وإعادة توطينهم في دول أخرى، مقابل “تحسينات اقتصادية وتنموية”.
هذا الطرح الذي تبناه ترامب صراحة في زيارته الأخيرة اعتُبر محاولة لتصفية الوجود الفلسطيني، وتحويل القضية إلى ملف تنمية إقليمي يُدار وفق المصالح الإسرائيلية.
مشروع إعادة الإعمار المشروط
ترتبط معظم خطط الإعمار الأمريكية المقترحة لغزة بشروط سياسية، على رأسها تحييد المقاومة، وفتح المجال لتعاون اقتصادي مشترك مع مستثمرين إسرائيليين وخليجيين.
البعد الجيوسياسي
تعتبر واشنطن قطاع غزة معبراً استراتيجياً يمكن استخدامه في إعادة رسم خرائط النفوذ في شرق المتوسط، وخاصة في ظل التنافس مع الصين وروسيا.
ثانياً: التنسيق الأمريكي الإسرائيلي
التحركات الأمريكية لا تأتي بمعزل عن تل أبيب، فالتصريحات والتفاهمات العلنية وغير العلنية بين الطرفين تفضح حجم التنسيق العميق، حيث تعمل واشنطن على تهيئة المناخ العربي لقبول مشاريع “التطبيع الاستثماري”، وليس فقط السياسي، مع الاحتلال.
دعم أمريكي مطلق لإسرائيل في المحافل الدولية
حماية إسرائيل دبلوماسياً من أي ملاحقة قانونية
تحويل الملف الفلسطيني من قضية شعب تحت الاحتلال إلى مسألة اقتصادية وتنموية.
ثالثاً: الموقف العربي من الخذلان إلى الصمت
مع كل تطور في القضية، يتجلى الموقف العربي الرسمي في مزيج من التحفظ، والدعوات العامة للسلام، دون اتخاذ خطوات عملية الصمت العربي، يعكس افتقاراً للإرادة السياسية أو الخشية من المساس بالعلاقات الاستراتيجية مع واشنطن وتل أبيب.
أسباب هذا الصمت:
التحالفات الاقتصادية والعسكرية مع الولايات المتحدة
التطبيع السياسي المتسارع مع إسرائيل
التخوف من العقوبات أو الضغوط الدبلوماسية الغربية
انشغال الدول العربية بأزماتها الداخلية
ضعف التنسيق العربي المشترك في الملفات الكبرى
رابعاً: الغضب الشعبي وحالة الانفصام
في الوقت الذي تلتزم فيه الحكومات الصمت أو المواقف الرمادية، تعبر الشعوب العربية عن رفضها الكامل لهذه السياسات عبر التظاهرات، والوسائل الرقمية، والمواقف المدنية الرافضة للتطبيع.
ومع ذلك، لم تنجح الضغوط الشعبية في التأثير على السياسات الرسمية حتى الآن.
إن ما يحدث اليوم من محاولات أمريكية لإعادة هندسة القضية الفلسطينية خارج سياقها النضالي، وتحويلها إلى صفقة اقتصادية، يمثل خطرًا وجوديًا على الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.
وفي ظل التخاذل العربي الرسمي، تبقى الآمال معلقة على الشعوب، وعلى حركات المقاومة، والوعي السياسي الذي بات يدرك أن القضية لن تُحلّ على طاولات المال، بل على أرض النضال والكرامة.
للمزيد : تابع العاصمة والناس، وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك وتويتر