قرار نتنياهو بإدخال المساعدات لغزة بعد شهرين ونصف من التوقف.. قراءة في الأبعاد السياسية ودور مصر والضغوط الأمريكية

كتبت: فاطمة إسماعيل
في تطور مفاجئ، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن قرار استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بعد توقف دام شهرين ونصف الشهر، وذلك في أعقاب إغلاق كافة المعابر أمام المساعدات منذ مارس 2025.
يأتي هذا القرار في ظل تصاعد الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث وصلت معدلات الجوع والأمراض إلى مستويات غير مسبوقة، وفق تقارير الأمم المتحدة.
هذا التقرير يستعرض بالتفصيل:
-
خلفية قرار إغلاق المعابر وأزمة غزة الإنسانية
-
السياق السياسي لقرار نتنياهو المفاجئ
-
دور مصر والوساطة الأمنية في فتح المعابر
-
الضغوط الأمريكية والدولية على إسرائيل
-
ردود الفعل الفلسطينية والإقليمية
-
توقعات مستقبلية: هل يستمر تدفق المساعدات؟
أولًا: خلفية الأزمة.. لماذا أغلقت إسرائيل المعابر؟
1. التصعيد العسكري وإغلاق المعابر (مارس 2025)
في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في رفح بدعوى “تصفية عناصر حماس”، أعلنت إسرائيل في 5 مارس 2025 إغلاق كافة المعابر أمام المساعدات، بما في ذلك:
-
معبر كرم أبو سالم (كيرم شالوم)
-
معبر بيت حانون (إيريز)
-
منفذ رفح البري (الذي ظل مغلقًا جزئيًا بسبب الخلافات الأمنية بين مصر وإسرائيل)
2. تداعيات الإغلاق: كارثة إنسانية غير مسبوقة
وفقًا لتقارير برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة اليونيسف:
-
95% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي.
-
أكثر من 20 طفلاً لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية.
-
انهيار النظام الصحي مع نفاد الأدوية الأساسية.
ثانيًا: لماذا غير نتنياهو موقفه؟ قراءة في الأسباب
1. الضغوط الأمريكية المباشرة
-
مكالمة هاتفية عاجلة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونتنياهو في 18 مايو، حيث هددت الإدارة الأمريكية بـ”مراجعة الدعم العسكري” إذا لم تُفتح المعابر.
-
بيان مجلس الأمن الدولي الذي حمل إسرائيل مسؤولية “المجاعة المتعمدة”.
2. المخاوف من تصعيد إقليمي
-
تحذيرات من تدخل المقاومة الفلسطينية عبر صواريخ موسعة ردًا على الأزمة الإنسانية.
-
مخاوف إسرائيلية من تحريك مصر لملف الأسرى الإسرائيليين كورقة ضغط.
3. الحسابات السياسية الداخلية
-
انتقادات حادة من المعارضة الإسرائيلية لسياسة التجويع.
-
مخاوف من تأثير الصورة الدولية على الاقتصاد الإسرائيلي.
ثالثًا: دور مصر المحوري في فتح المعابر
1. الوساطة الأمنية مع حماس وإسرائيل
-
اجتماعات مكثفة بين جهاز المخابرات العامة المصرية وقيادات حماس في القاهرة.
-
ضمانات أمنية لإسرائيل حول عدم تسريب أسلحة عبر المساعدات.
2. فتح معبر رفح بشكل محدود
-
بدء دخول 100 شاحنة يوميًا تحت إشراف دولي.
-
إسرائيل تسمح بدخول الوقود لأول مرة منذ مارس.
3. الموقف المصري: بين الضغط الإقليمي والمصالح الوطنية
-
مصر رفضت تحويل الأزمة إلى مواجهة عسكرية مفتوحة.
-
حرصت على عدم تصعيد العلاقات مع واشنطن بسبب الملف.
رابعًا: ردود الفعل الدولية والمحلية
1. ردود الفعل الفلسطينية
-
حماس: وصفت القرار بـ”النصر الدبلوماسي” لكنها طالبت بـ”رفع الحصار بالكامل”.
-
السلطة الفلسطينية: طالبت بآلية دولية دائمة لمراقبة المعابر.
2. الموقف الإسرائيلي الداخلي
-
اليمين المتطرف (بزعامة إيتمار بن غفير) هاجم القرار ووصفه بـ”الاستسلام للإرهاب”.
-
المعارضة (بقيادة يائير لبيد) دعت إلى “إدارة أكثر عقلانية للأزمة”.
3. ردود الفعل الدولية
الدولة/المنظمة | الموقف |
---|---|
الولايات المتحدة | “خطوة إيجابية ولكنها غير كافية” |
الاتحاد الأوروبي | دعوة لـ”ضمان تدفق مستمر للمساعدات” |
الأمم المتحدة | “يجب ألا تتكرر أزمة التجويع” |
إيران | اتهام إسرائيل بـ”جرائم حرب” |
خامسًا: التحديات المستقبلية.. هل يستمر تدفق المساعدات؟
1. مخاطر التوقف مرة أخرى
-
إسرائيل قد تعيد الإغلاق إذا تعرضت لهجمات صاروخية.
-
عدم وجود ضمانات دولية ملزمة لاستمرار التدفق.
2. سيناريوهات محتملة
-
الاستمرار المحدود للمساعدات تحت شروط إسرائيلية.
-
تصعيد عسكري جديد يؤدي إلى إغلاق المعابر.
-
اتفاق دولي دائم لآلية مراقبة المعابر.
قرار إسرائيل باستئناف المساعدات جاء متأخرًا بعد كارثة إنسانية كادت تتحول إلى مجاعة جماعية، لكنه يظل قرارًا مرحليًا غير كافٍ دون ضمانات دولية. الضغوط الأمريكية والمصرية لعبت دورًا حاسمًا، لكن استمرار الأزمة مرهون بتحقيق تقدم سياسي يرفع الحصار بشكل دائم.
غزة لم تعد تتحمل انتظار “القرارات المرحلية”.. العالم بحاجة إلى حل عادل ينهي المعاناة الإنسانية التي طال أمدها.