تقارير

مقارنة بين قدرات الجيشين الهندي والباكستاني، أيهما يمتلك مفاتيح القوة والنصر؟

كتبت: رنيم شكري

منذ الاستقلال المشترك عن الاستعمار البريطاني عام 1947، وُلدت الخصومة التاريخية بين الهند وباكستان، وأصبحت القوة العسكرية إحدى أبرز أدوات التأثير والردع المتبادل. شهدت المنطقة ثلاث حروب كبرى، وتوترات حدودية لا تنتهي، ويظل التنافس العسكري بين البلدين من أبرز بؤر التوتر في جنوب آسيا.

في هذا التقرير المفصل، نستعرض مقارنة دقيقة بين الجيشين الهندي والباكستاني، من حيث الحجم، القدرات، الإنفاق، التحالفات، والتقنيات، لنحاول الإجابة على السؤال الجوهري: من يمتلك مفاتيح النصر الحقيقي؟

عدد القوات الفاعلة والاحتياطية

  • الجيش الهندي: يُعد ثالث أكبر جيش في العالم من حيث عدد القوات الفاعلة، حيث يضم أكثر من 1.45 مليون جندي نشط، بالإضافة إلى 2.1 مليون احتياطي.

  • الجيش الباكستاني: يضم حوالي 640 ألف جندي نشط، و550 ألفًا في الاحتياط.

رغم هذا الفارق العددي الكبير، إلا أن الكفاءة والتكتيك يلعبان أدوارًا مهمة تتجاوز الأرقام.

قوات الدعم والتشكيلات العسكرية

  • تمتلك الهند شبكة واسعة من الوحدات البرية، والمدفعية، والدبابات، والقوات الخاصة، كما تتميز بانتشارها الجغرافي الواسع.

  • في المقابل، يعوّل الجيش الباكستاني على الكفاءة العالية للقوات الخاصة ومرونتها، بجانب اعتماده الكبير على عقيدة الدفاع الاستباقي.

الهند وباكستان من الدول القليلة التي تمتلك أسلحة نووية، وهو عنصر ردع متبادل يمنع اندلاع حروب مباشرة كبرى.

القدرات النووية

  • الهند: تمتلك ما يقدر بـ160 رأسًا نوويًا، مع تطوير لصواريخ عابرة للقارات مثل “أجني-5”.

  • باكستان: تمتلك قرابة 165 رأسًا نوويًا، وتفوق الهند من حيث السرعة في تطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى مثل “نصر” و”شاهين”.

عقيدة الاستخدام النووي

  • الهند تعتمد سياسة “الرد فقط”، أي أنها لا تستخدم النووي إلا في حال تعرضها لهجوم نووي أولًا.

  • باكستان لم تعلن سياسة رسمية، وهو ما يُفسّر كخيار للردع المبكر أو الهجوم الاستباقي عند الضرورة القصوى.

الأسطول الجوي الهندي

  • الهند تمتلك أكثر من 2100 طائرة عسكرية، بينها أكثر من 600 طائرة مقاتلة، أبرزها:

    • سوخوي Su-30MKI

    • رافال الفرنسية

    • تيجاس محليّة الصنع

القوة الجوية الباكستانية

  • تمتلك باكستان حوالي 1340 طائرة عسكرية، بما فيها:

    • F-16 الأمريكية

    • JF-17 Thunder (مشتركة مع الصين)

    • ميراج الفرنسية

رغم التفوق العددي للهند، فإن باكستان تعتمد على تدريب طياريها وكفاءتهم العالية، وقد أظهرت ذلك في الاشتباكات الجوية المحدودة، مثل تلك التي حدثت في كشمير عام 2019.

البحرية الهندية

  • الهند تمتلك رابع أقوى بحرية في العالم، وتضم:

    • حاملة طائرات (INS Vikrant)

    • 11 مدمّرة

    • 17 غواصة

    • قوات بحرية برمائية

البحرية الباكستانية

  • البحرية الباكستانية أقل حجمًا، وتضم:

    • 8 فرقاطات

    • 5 غواصات

    • قدرات دفاع ساحلي محدودة

تسعى باكستان إلى تعويض الفارق عبر التعاون العسكري البحري مع الصين وتركيا، لتوسيع نفوذها في بحر العرب.

الميزانية العسكرية السنوية

  • الهند: أكثر من 81 مليار دولار (2023)، ما يجعلها رابع أكبر ميزانية دفاع في العالم.

  • باكستان: قرابة 10 مليارات دولار، أي نحو 1/8 من الميزانية الهندية.

التكنولوجيا والتصنيع المحلي

  • الهند تستثمر في الصناعات الدفاعية المحلية عبر مبادرة “صنع في الهند”، خاصة في مجال الطائرات، والمدفعيات، والدرونز.

  • باكستان تعتمد بشكل كبير على شراكتها الدفاعية مع الصين، وتسعى لتوطين الصناعات العسكرية تدريجيًا.

تحالفات الهند

  • شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة، وفرنسا، وروسيا.

  • مشاركات فعّالة في تدريبات مثل Malabar وIndra.

تحالفات باكستان

  • علاقة دفاعية قوية مع الصين.

  • شراكات مع تركيا، ودول الخليج.

  • مشاركات دورية في تدريبات مع الناتو.

الجيش الباكستاني يركز بشكل خاص على التدريب القتالي في بيئات مشابهة لكشمير وأفغانستان.

القيادة والانضباط

  • الجيش الهندي يتّبع هيكلًا إداريًا متطورًا، مع نظام قيادة مركزي.

  • باكستان تعتمد على تجربة طويلة في إدارة الأزمات الحدودية، كما أن الجيش يتمتع بنفوذ سياسي وعقائدي كبير.

الخبرات الميدانية

  • الهند شاركت في عدة عمليات حفظ سلام تحت راية الأمم المتحدة.

  • باكستان خاضت مواجهات حدودية حقيقية، وتواجه تحديات إرهابية داخلية منذ سنوات.

إقليم كشمير يظل الساحة المفتوحة بين القوتين، وقد شهد اشتباكات دورية وعمليات قصف وتوغل، كما حدث في:

  • حرب كارجيل 1999

  • أزمة كشمير 2016 و2019

رغم التفوق التقني للهند، إلا أن باكستان تحتفظ بنقاط مرونة في حرب العصابات والتكتيك الجبلي.

  • الهند تتفوق عددًا وتمويلاً وتكنولوجيًا، خاصة في المجال البحري والتصنيع المحلي.

  • باكستان تمتاز بـالمرونة، الكفاءة، الردع النووي المتقدم، والشراكات الميدانية المركّزة.

لكن الحقيقة أن “الانتصار” لا يُقاس فقط بعدد الطائرات والدبابات، بل بالقدرة على إدارة الحرب، الحفاظ على الجبهة الداخلية، وامتلاك الشرعية الدولية.

رغم أن الهند تمتلك اليد العليا في موازين القوى التقليدية، إلا أن المعادلة ليست بهذه البساطة. القوة الحقيقية لا تكمن فقط في عدد الطائرات أو الدبابات، بل في الجاهزية، العقيدة القتالية، القيادة، والتحالفات الدولية.

باكستان تدرك أنها لن تربح حربًا مفتوحة، لكنّها تملك مفاتيح “الردع الذكي”، بينما تسعى الهند لتعزيز سيطرتها الإقليمية بقوة السلاح والتقنية.

وهكذا، تبقى معادلة الجيشين محكومة بالتوازن الحرج، حيث النصر ليس دائمًا للأقوى، بل للأكثر استعدادًا للحظة الحاسمة.

زر الذهاب إلى الأعلى