تقارير

تصعيد إقليمي خطير.. هل تقترب إسرائيل من توجيه ضربة عسكرية مباشرة إلى إيران بعد استهداف مطار بن جوريون؟

كتبت: رنيم شكري

في تطور لافت يُنذر بتغير جذري في قواعد الاشتباك الإقليمي، تعرض مطار بن جوريون الدولي، لهجوم صاروخي هو الأول من نوعه يُطلق من الأراضي اليمنية. وقد تبنّت جماعة الحوثي المدعومة من إيران المسؤولية عن العملية، ما أعاد تسليط الضوء على احتمالات التصعيد بين إسرائيل وإيران، في ظل تنامي القلق داخل الأوساط الأمنية والسياسية الإسرائيلية من “توسع محور المقاومة” بغطاء إيراني مباشر.

صاروخ عابر للحدود
بحسب بيانات أولية صدرت عن الجيش الإسرائيلي، فإن صاروخًا متوسط المدى أُطلق من الأراضي اليمنية سقط في محيط مطار بن غوريون، مخلّفًا أضرارًا مادية جزئية وإصابة ما لا يقل عن 8 أشخاص، بينهم عاملون في المطار ومسافرون كانوا في محيطه.

المفاجأة الكبرى، بحسب ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، لم تكن في التوقيت أو الجهة المُهاجمة، بل في فشل منظومة “القبة الحديدية” في اعتراض الصاروخ، مما دفع بالعديد من المعلقين الإسرائيليين إلى التساؤل عن مدى جهوزية الجبهة الداخلية أمام صواريخ تُطلق من آلاف الكيلومترات.

رد فعل إسرائيلي غاضب وإيران في مرمى الاتهام
في أعقاب الهجوم، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى عقد اجتماع أمني طارئ مع هيئة الأركان وقيادات الشاباك والموساد. وفي تصريح مقتضب، قال نتنياهو: “ما جرى لن يمر مرور الكرام، واليد التي وجهت الصاروخ ستُقطع، سواء أكانت في اليمن أو طهران”.

أما وزير الدفاع إسرائيل كاتس، فقد ذهب إلى ما هو أبعد، ملمحًا إلى أن “المعركة الكبرى باتت وشيكة”، مكررًا أن “من يقف وراء هذا الاستهداف ليس الحوثيين فحسب، بل إيران التي تُغذي هذا المحور بأسلحة دقيقة وتقنيات متطورة”.

تحول استراتيجي؟
الهجوم الحوثي، برأي محللين عسكريين، لا يمكن فصله عن السياق الإقليمي المتفجر، لا سيما التصعيد المتواصل في قطاع غزة، والتوترات بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان، إضافة إلى العمليات البحرية التي تستهدف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.

الباحث السياسي في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، عاموس يادلين، يرى أن “المسافة الجغرافية لم تعد تشكل حاجزًا أمام أذرع إيران”، مؤكدًا أن “الهجوم على مطار بن غوريون يحمل بصمات إيرانية واضحة من حيث نوعية السلاح والدقة”.

ويُضيف يادلين أن “إسرائيل قد تجد نفسها مجبرة على توجيه ضربة عسكرية مباشرة لإيران، ليس فقط في إطار الرد، ولكن كوسيلة لكبح جماح ما يُعرف بمحور طهران”.

إيران تنفي.. والحوثيون يتحدّون
في المقابل، نفت الخارجية الإيرانية أي علاقة لها بالهجوم، معتبرة الاتهامات الإسرائيلية “جزءًا من حملة دعائية تهدف إلى تبرير عدوان محتمل”.

أما المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، فقد تبنّى العملية صراحة، مؤكدًا أنها “رد طبيعي على المجازر الإسرائيلية في غزة”، متوعدًا بمزيد من الضربات “النوعية في العمق الإسرائيلي”.

أصوات داخل إسرائيل: لا للتسرّع
ورغم الخطاب المتصاعد من قِبل الحكومة، حذّر بعض المحللين الإسرائيليين من الانجرار وراء “رد متهور” قد يؤدي إلى حرب إقليمية شاملة. وكتب الصحفي بن كاسبيت في صحيفة “معاريف”: “المطلوب الآن هو الحكمة، لا الغضب. الرد يجب أن يكون مدروسًا، وغير خاضع لمزايدات السياسة الداخلية”.

وأضاف كاسبيت أن “التورط في مواجهة مباشرة مع إيران دون دعم أمريكي صريح قد يكون مغامرة مكلفة”.

واشنطن تراقب بحذر
في واشنطن، اكتفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بالإعراب عن “قلق بلاده من التصعيد المتسارع”، داعيًا جميع الأطراف إلى ضبط النفس. كما شددت الإدارة الأمريكية على “التزامها بأمن إسرائيل”، لكنها لم تُعلق مباشرة على احتمال شن ضربة إسرائيلية على إيران.

الخيار العسكري على الطاولة؟
الجدل يتصاعد الآن في دوائر القرار الإسرائيلية حول طبيعة الرد. فهل يتم الاكتفاء بضربات محدودة لمواقع الحوثيين في اليمن؟ أم تتجه تل أبيب نحو تنفيذ هجوم على منشآت إيرانية داخل إيران نفسها؟

تشير تقارير إعلامية عبرية إلى أن الجيش الإسرائيلي أعدّ سيناريوهات عدة، من بينها استهداف منشآت نووية إيرانية، أو قواعد للحرس الثوري، لكن تبقى العوامل السياسية والدولية العامل الحاسم في اتخاذ مثل هذا القرار.

من غزة إلى طهران.. ساحة ممتدة للمعركة
يرى محللون أن إسرائيل تقاتل اليوم على جبهات متعددة، من الجنوب في غزة، إلى الشمال في لبنان وسوريا، والآن الشرق البعيد في اليمن، بينما تُعد إيران “العقل المدبّر” لكل تلك الجبهات بحسب الرواية الإسرائيلية.

ويؤكد الخبير الإيراني الدكتور علي مطهري أن “ما يجري هو إعادة رسم لخارطة الردع في الشرق الأوسط”، مشيرًا إلى أن “طهران سترد بكل الوسائل إذا استهدفت بشكل مباشر”.

في ظل هذا التصعيد المتسارع، يبقى السؤال الأبرز: هل تتجه المنطقة نحو حرب شاملة؟ أم ستنجح الضغوط الدولية في كبح جماح الأطراف؟ حتى اللحظة، كل السيناريوهات مفتوحة، وساحة الشرق الأوسط تعيش على وقع صواريخ لا تعترف بالحدود.

زر الذهاب إلى الأعلى