تقارير

كيف تضيف إسرائيل شروطًا معقدة لمنع التوصل لاتفاق فى غزة؟

القاهرة: العاصمة والناس    

فى أعقاب عودة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة فى شهر مارس الماضى، عادت جهود الوساطة المصرية القطرية، بمشاركة أمريكية، إلى الواجهة مرة أخرى، مع البحث عن اتفاق تهدئة يفضى إلى وقف إطلاق النار فى القطاع، مع دراسة كل المقترحات للوصول لهذا الاتفاق، والبحث فى كل الوسائل لتقريب النظر بين الجانبين.

خلال الأيام الأخيرة، ورغم التفاؤل بقرب التوصل لاتفاق خلال أسبوعين أو ثلاثة، قدمت إسرائيل مقترحًا جديدًا إلى حماس، نقله الوسيط المصرى، ونص على نزع سلاح الحركة، مع الإشارة إلى استمرار وجود قوات الاحتلال الإسرائيلى فيما يسمى بـ«المناطق العازلة»، وهو ما رفضته الحركة، ما أدى إلى تعقيد مسار المفاوضات، مع التساؤل حول احتمالات نجاحه، والسيناريوهات المستقبلية المتوقعة فى هذا الإطار، الأمر الذى يستحق تسليط الضوء عليه فى السطور التالية. 

المقترح الإسرائيلى طالب بنزع السلاح واستمرار الاحتلال فى «المناطق العازلة»

أكدت تقارير إخبارية أن جهود الوسطاء فى مصر وقطر والولايات المتحدة لا تزال مستمرة لضمان استكمال المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، من أجل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار دائم فى قطاع غزة.
وأوضحت التقارير أن مصر، خلال الأيام الماضية، سلمت حركة حماس المقترح الإسرائيلى الجديد، فيما أكدت الحركة أنها تدرس الأمر «بمسئولية وطنية عالية»، مع الإشارة إلى أنها تنوى تقديم ردها عليه فى أقرب وقت ممكن، فور «استكمال المشاورات اللازمة».
ووفقًا للتقارير، فقد تضمن المقترح إطلاق سراح المحتجز الإسرائيلى- الأمريكى عيدان ألكسندر فى اليوم الأول من بدء الهدنة، مع ثلاثة محتجزين إضافيين، وتزامن ذلك مع إعلان الحركة عن فقدان الاتصال مع العناصر التى تحتجز «ألكسندر».
ومن المقرر، فى اليوم الثانى من الهدنة، وفقًا للمقترح، أن تطلق حماس سراح ٥ محتجزين أحياء، مقابل ٦٦ أسيرًا فلسطينيًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، و٦١١ أسيرًا من غزة، مع إدخال المساعدات والمعدات اللازمة للنازحين، وسيبدأ الجيش الإسرائيلى بإعادة نشر قواته فى منطقة رفح وشمال غزة، على أن يتم إطلاق سراح المحتجزين دون عروض أو احتفالات، مع إنشاء آلية متفق عليها تضمن وصول المساعدات الإنسانية التى يتم إدخالها إلى القطاع للمدنيين فقط. 
وفى اليوم الثالث لوقف إطلاق النار، حسب المقترح، ستبدأ المفاوضات حول مسائل «اليوم التالى»، ومنها نزع سلاح حماس وإعلان وقف إطلاق نار دائم، وفى اليوم السابع، تفرج حماس عن ٤ محتجزين مقابل ٥٤ أسيرًا فلسطينيًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد و٥٠٠ من أهالى غزة، ممن تم اعتقالهم بعد ٧ أكتوبر، وبعدها، سيعيد الجيش الإسرائيلى انتشاره شرق شارع صلاح الدين، الذى عاد الغزيون من خلاله إلى شمال قطاع غزة حتى تم إغلاقه بعد انهيار وقف إطلاق النار.
وفى اليوم العاشر، وفقًا للمقترح، ستقدم حماس معلومات عن جميع المحتجزين الأحياء المتبقين فى القطاع، مقابل معلومات عن المعتقلين الفلسطينيين، فيما يجب استكمال مفاوضات وقف إطلاق النار بشكل دائم خلال ٤٥ يومًا، وبعدها سيتم إطلاق سراح بقية المحتجزين، أحياءً وأمواتًا، وفى حال الاتفاق على وقف إطلاق نار مؤقت فيُمكن تمديد الاتفاق بشروط، ولمدة يتفق عليها الطرفان.
كما أشارت تقارير إلى أن إسرائيل طالبت بأن يتضمن الاتفاق الجديد وجود الجيش الإسرائيلى فى المناطق العازلة- بما فى ذلك المواقع الجديدة التى توصل إليها مؤخرًا- ما يخالف الاتفاق الذى تم التوصل إليه فى شهر يناير الماضى، والذى نص على انسحاب إسرائيلى من ممر صلاح الدين «فيلادلفيا».

«حماس»: نتنياهو يرفض إنهاء الحرب ويضع طلبات تعجيزية لا يمكن تلبيتها 

من ناحيته، أكد سامى أبوزهرى، القيادى فى حركة حماس، أن ما يطلبه نتنياهو هو «اتفاق استسلام»، مشيرًا إلى أن رئيس وزراء الاحتلال «يطرح شروطًا تعجيزية لمنع التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار».وشدد «أبوزهرى» على أن مطلب نزع سلاح المقاومة «غير قابل للنقاش ولن تتم تلبيته».
فيما ادعت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن حركة حماس «أبدت استعدادها للتحول إلى حزب سياسى»، وأشارت إلى أنها «لا تمانع فى مغادرة بعض قادتها قطاع غزة، شريطة ضمان عدم تعرضهم للملاحقة لاحقًا».
وفى الإطار نفسه، نقلت قناة «سكاى نيوز عربية» عن مصدر فلسطينى قوله إن حماس وافقت على تسليم السلطة فى القطاع إلى لجنة إدارة غزة، التابعة للسلطة الفلسطينية فى رام الله.
وأوضح المصدر أن رفض إسرائيل إدراج بند إنهاء الحرب والانسحاب من قطاع غزة فى اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس تسبب فى انهيار المفاوضات الأخيرة، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة اقترحت، عبر الوسيط المصرى، إضافة بند نهاية الحرب إلى ضمانات واشنطن بانسحاب لاحق لقوات الجيش الإسرائيلى من قطاع غزة، لكن حماس رفضت ذلك، مؤكدة أن «لا أحد يستطيع ضمان نتنياهو وحكومته».
فى المقابل، تشير التقديرات فى إسرائيل إلى أنه من الممكن أن يتم التوصل لاتفاق خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، مع التأكيد على أن الفجوات لا تزال قائمة والمسافة كبيرة.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن مصدر أمنى قوله إن إسرائيل تريد الحصول على موافقة حماس على إطلاق سراح ٩ إلى ١٠ محتجزين أحياء، وهناك تنسيق مع الولايات المتحدة لتحقيق ذلك، فيما أعلنت حماس عن أنها مستعدة لإطلاق سراح ٧ إلى ٨ محتجزين فقط، مع وضع شروط غير مقبولة إسرائيليًا.
وقال المصدر الأمنى الإسرائيلى: «الضغوط العسكرية على الحركة بدأت تظهر علاماتها، فهم يعانون من نقص فى الغاز، وسينفد الغذاء والوقود خلال الأسابيع المقبلة، كما تم محو الإنجاز العظيم المتمثل فى عودة السكان إلى الشمال، معتبرًا أن «الضغط العسكرى، إلى جانب الضغط السياسى، سيدفعهم إلى قبول صفقة، فهم ليس لديهم خيار».
 

الرهان على استمرار الضغط العسكرى لإجبار «المقاومة» على الاستسلام

تأتى المفاوضات الحالية وجهود الوسطاء لوقف الحرب، بعد أن استأنفت إسرائيل حملتها العسكرية على قطاع غزة فى منتصف شهر مارس الماضى، وبعد أن أعلن جيش الاحتلال عن توسيع نطاق هجومه.
وتقول التقديرات الإسرائيلية إن حركة حماس أصبحت الآن أقل قدرة على المناورة سياسيًا أو عسكريًا، مع مواجهة ضغوط متزايدة، داخليًا وخارجيًا، مع مطالبتها شعبيًا بإنهاء الحرب وتسليم السيطرة على القطاع، وتقييد حلفاء إقليميين، على رأسهم «حزب الله» اللبنانى وإيران، بضغوط جيوسياسية خاصة بهم، ومواجهة الحوثيين فى اليمن لهجمات من واشنطن، فضلًا عن تدمير البنية التحتية للحركة فى القطاع، والقضاء على أغلب قياداتها.
وتوضح التقديرات أن الحركة، رغم ذلك، لا تزال محتفظة بورقة المحتجزين، مع احتجاز ٥٩ إسرائيليًا، بعد أن تم إطلاق سراح أو إنقاذ ١٤٧ محتجزًا منذ هجمات ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.
وأوضح محللون أن ورقة المحتجزين تظل أيضًا الورقة التى يستغلها رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو ليستمر فى حربه على القطاع، مشيرين إلى أنه من المحتمل، وفقًا لسيناريوهات مستقبلية متعددة، أن تقبل حماس بعدم السيطرة السياسية والإدارية على غزة، مع تسليم الحكم وملف الرهائن والمحتجزين إلى جهات إقليمية محايدة، مثل مصر أو جامعة الدول العربية، وفى نهاية المطاف إلى السلطة الفلسطينية، وهو حل من شأنه أن يجبر إسرائيل على وقف الحرب.
وأشار هؤلاء المحللون إلى أن هناك بعض المؤشرات على نجاح مثل هذا السيناريو، وهو أن حماس أبدت بالفعل استعدادها للتخلى عن السيطرة الإدارية على غزة، بل ووافقت على تشكيل لجنة أهلية للإشراف على الحكم فى القطاع.
من ناحية أخرى، أوضح المحللون أن الحكومة فى إسرائيل لا تواجه مشكلة فى استمرار الحرب، خاصة أنها تركز حاليًا على مناطق سبق تدميرها بالفعل، مع الاعتماد على القصف الجوى، وتقليل احتمالية تعرض قوات على الأرض للخطر، وإن كان ذلك يواجه بضغوط من واشنطن، التى ترى أن الزيارة المقررة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى المنطقة، فى شهر مايو المقبل، ستكون من أجل الإعلان عن خطة إقليمية للسلام والاستثمار، وهو ما لن ينجح دون وقف الحرب.
 


اكتشاف المزيد من العاصمة والناس

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
مرحبا 👋
كيف يمكنا مساعدتك?