مصر

وزير قطاع الأعمال: خطة شاملة لتحقيق «الأمن الدوائى» وتقليل الاستيراد

القاهرة: العاصمة والناس    

أعلن المهندس محمد شيمى، وزير قطاع الأعمال العام، عن أن الوزارة تبنت خطة استراتيجية شاملة لتوطين صناعة الأدوية فى مصر، تستهدف تعزيز الأمن الدوائى الوطنى وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وأوضح الوزير، أن هذه الخطة ترتكز على تطوير شركات الأدوية التابعة للشركة القابضة للأدوية، من خلال تحديث البنية التحتية وخطوط الإنتاج، وتطبيق المعايير العالمية فى التصنيع، وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية فى الأسواق المحلية والعالمية.

وقال إن حجم الاستثمارات المخصصة لتطوير شركات الأدوية التابعة يبلغ نحو ٣ مليارات جنيه، مشيرًا إلى أن هذه الاستثمارات تشمل عمليات تطوير فنية وهندسية لتحديث المصانع، وإعادة تأهيلها لتتوافق مع شروط التصنيع الجيد «GMP».

ولفت إلى أن الشركات القابضة تنفذ مشاريع متعددة تشمل تحديث معدات الإنتاج وتطوير معامل الرقابة الدوائية وتحسين نظم الجودة وتحديث البنية التحتية الخاصة بالمياه والكهرباء والتكييف المركزى، ما يعزز من قدرة الشركات على المنافسة ويزيد من فرصها التصديرية.

وحدثت طفرة كبيرة فى الشركة العربية للأدوية؛ إذ جرى تحديث مناطق الإنتاج المختلفة، بما فى ذلك مناطق إنتاج المستحضرات الصلبة ومستحضرات الاستنشاق ومرافق المياه والمخازن، وذلك باستثمارات قاربت ٦٠٠ مليون جنيه، وتعمل الشركة حاليًا على إنهاء تحديث محطة الكهرباء، إضافة إلى نظام التكييف المركزى، بما يضمن ثبات الجودة وفاعلية الإنتاج.

وأوضح الوزير أن شركة «ممفيس» للأدوية تخضع لعملية تطوير شاملة تستهدف تحديث خطوط الإنتاج وتطوير الإدارة الداخلية، ورفع كفاءة العاملين بها، بينما تعمل شركة «النيل» للأدوية على مشروع حيوى لإنتاج الأنسولين والمستحضرات البيولوجية المثيلة، ضمن خطة أوسع تهدف إلى توطين صناعة الأدوية البيولوجية فى مصر لسد احتياجات السوق المحلية وتحقيق فائض للتصدير.

وأكد أن هناك أعمال تطوير تجرى فى شركة «سيد» للأدوية، فى مصنع أسيوط، بهدف تأهيله لإنتاج الأقراص الهرمونية، وهو مشروع استراتيجى يسهم فى توطين صناعة المنتجات الهرمونية الضرورية للسوق المصرية، خاصة فى ظل الطلب المرتفع عليها وتكلفتها العالية عند الاستيراد.

وفى إطار توطين المواد الخام الدوائية، لفت الوزير إلى الجهود التى تبذلها شركة «النصر» للكيماويات الدوائية لنقل وتوطين تكنولوجيا إنتاج المواد الخام الفعالة للمضادات الحيوية الحديثة وأدوية الأمراض المزمنة، مثل أدوية السكر، وتعد هذه الخطوة بالغة الأهمية لتقليل فاتورة استيراد الخامات، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من المواد الأولية الأساسية.

وشدد على أن خطة الوزارة لا تقتصر على تحديث البنية الإنتاجية فحسب، بل تشمل كذلك تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلى والدولى، للاستفادة من الخبرات الفنية والتقنية، ونقل التكنولوجيا المتقدمة، والتوسع فى تصنيع أدوية متخصصة؛ مثل أدوية الأورام والمستحضرات البيولوجية، بما يسهم فى تحسين كفاءة الإنتاج وتعزيز تنافسية الشركات التابعة.

وقال: «كما نحرص على تطوير العنصر البشرى؛ عبر تأهيل وتدريب العاملين فى قطاع الأدوية، بهدف رفع كفاءاتهم وتحفيزهم على الابتكار وتحسين الإنتاجية. وتعمل الشركات القابضة على تنفيذ برامج تدريبية دورية تشمل الجوانب الفنية والإدارية، لضمان استمرارية تطوير الكوادر البشرية بما يتواكب مع التطوير التكنولوجى».

وشدد على أهمية التوسع فى الأسواق الخارجية، وزيادة حجم صادرات شركات الأدوية الحكومية، مشيرًا إلى أن هناك تعاونًا وثيقًا مع هيئة الدواء المصرية، من أجل تسهيل الإجراءات الخاصة بالتسجيل والموافقات، ودعم الشركات الحكومية فى الحصول على شهادات الجودة المطلوبة عالميًا، بما يعزز قدرتها على التصدير ويعطيها فرصًا أكبر للتوسع الدولى.

وأكد أن خطة الوزارة تمثل نقلة نوعية فى قطاع الأدوية الحكومى، وتعكس التزام الدولة بتعزيز الصناعة الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الأدوية الأساسية، مع العمل على تمكين الشركات التابعة من المنافسة بقوة على المستويين المحلى والعالمى.

ولفت إلى أن الوزارة تسعى لتكوين منظومة دوائية متكاملة تواكب التطورات العالمية، وتكون قادرة على مواجهة التحديات الصحية الراهنة والمستقبلية، مثل الأوبئة والمخاطر البيولوجية.

وأوضح أن هذه الرؤية تندرج ضمن استراتيجية الدولة لتعزيز الصناعات الحيوية والمرتبطة بالأمن القومى، مشيرًا إلى أن قطاع الأدوية يعد من أكثر القطاعات الاستراتيجية التى لا يمكن الاستغناء عنها، ما يستدعى استثمارات مستدامة ودعمًا حكوميًا متواصلًا.

وأشار إلى أن أحد التحديات التى تواجه الصناعة الدوائية الحكومية هو تقادم بعض خطوط الإنتاج، إلا أن الوزارة تعمل على تغيير هذا الواقع بشكل جذرى من خلال عمليات الإحلال والتجديد التى تشمل تحديث الماكينات، وتطبيق نظم إنتاج ذكية تعتمد على الرقمنة والتحكم الآلى.

وأضاف أن الشركات التابعة بدأت بالفعل فى إدخال تقنيات إنتاج حديثة ستُحدث نقلة نوعية فى كفاءة التشغيل وخفض الفاقد وتحسين جودة المنتج، موضحًا أن هناك مشروعات مشتركة قيد التنفيذ مع مستثمرين عرب وآسيويين، تستهدف تصنيع مستحضرات متطورة كانت تعتمد مصر على استيرادها بالكامل.

ولفت إلى أن الوزارة منفتحة على عقد تحالفات إنتاجية مع كبرى الشركات العالمية، خاصة فى مجالات تصنيع أدوية الأورام، والمستحضرات البيولوجية المعقدة، واللقاحات.

وفى إطار الحديث عن الصادرات، أكد أن الوزارة تعمل حاليًا على إعداد خطة لتأهيل بعض المصانع للحصول على الاعتماد الأوروبى والدخول إلى أسواق الاتحاد الأوروبى، فضلًا عن دعم الشركات للحصول على شهادات اعتماد من هيئات صحية فى دول إفريقية وآسيوية، مشيرًا إلى أن الأسواق الإفريقية تمثل فرصة واعدة، نظرًا لحاجتها المتزايدة للدواء وثقتها المتنامية فى المنتج المصرى.

كما شدد على أن الوزارة تتعامل بمنهج اقتصادى مرن مع شركاتها التابعة، وجرى إعطاء مساحة أكبر للإدارات التنفيذية فى اتخاذ قرارات تطوير المنتجات، وتحديد الأسواق المستهدفة، والتوسع فى خطوط إنتاج ذات ربحية عالية وإعادة هيكلة بعض الإدارات الداخلية فى الشركات الكبرى، مع التركيز على دعم إدارات التخطيط والتسويق والابتكار لتكون فاعلة فى تحقيق الأهداف المرجوة.

وفيما يتعلق بتسعير الأدوية، ذكر أن الوزارة تنسق مع الجهات المعنية لضمان تحقيق توازن بين تكلفة الإنتاج وتحقيق الربحية من جهة، والحفاظ على أسعار مناسبة للمواطن المصرى من جهة أخرى.

وأكد أن الدور الاجتماعى لشركات الدواء التابعة ما زال محفوظًا، ولكن فى إطار من الكفاءة الاقتصادية التى تضمن استدامة هذه الشركات وعدم اعتمادها على الدعم المالى بشكل دائم.

وأوضح أن نجاح خطة توطين صناعة الأدوية لن يكون فقط فى تحقيق أرقام إنتاج أو زيادة أرباح، بل فى بناء قدرة وطنية مستدامة قادرة على توفير الأدوية الاستراتيجية محليًا، والمنافسة عالميًا، وخلق فرص عمل حقيقية فى مجال البحث والتطوير والإنتاج، وتحقيق نقلة نوعية تضع مصر فى مصاف الدول الرائدة إقليميًا فى مجال تصنيع الدواء.

ونوه بأن الوزارة تنظر إلى صناعة الأدوية باعتبارها من أعمدة الأمن القومى، ليس فقط من منظور اقتصادى، بل باعتبارها ضرورة استراتيجية تفرضها الاعتبارات الصحية والدوائية.

وقال إن رؤية الدولة ترتكز على تحويل مصر إلى مركز إقليمى لتصنيع وتصدير الدواء، بما يواكب إمكاناتها الصناعية والبشرية، وما تمتلكه من خبرات متراكمة وشركات لها تاريخ طويل فى هذا المجال، مؤكدًا أن تطوير شركات الأدوية التابعة للقابضة يستهدف فى الأساس خلق نموذج إنتاجى متطور قادر على المنافسة.

وأضاف أن هناك تركيزًا كبيرًا على عنصر الجودة، سواء فى مراحل التصنيع أو التخزين أو التوزيع، موضحًا أن الوزارة تعمل مع هيئة الدواء المصرية لضمان الالتزام الصارم بكل معايير الجودة والسلامة، كما تجرى مراجعات دورية للمصانع وخطوط الإنتاج من خلال فرق رقابة داخلية وخارجية، للتأكد من مطابقتها مواصفات الأسواق العالمية، ما يمهد الطريق أمام هذه الشركات لدخول أسواق جديدة، وتحقيق قيمة مضافة عالية.

وكشف عن أن الوزارة تخطط أيضًا لتوسيع قاعدة المنتجات التى تصنعها الشركات التابعة، بحيث لا تقتصر فقط على الأدوية الأساسية أو الجنيسة، بل تمتد إلى أدوية عالية التقنية مثل المستحضرات البيولوجية، والأدوية طويلة الأمد، ومركبات النانو تكنولوجى فى العلاج.

وأكد أنه يجرى حاليًا التفاوض مع عدد من الشركاء الدوليين لنقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية محليًا، ضمن إطار الشراكة التى تضمن تبادل المعرفة وتدريب الكوادر.

كما لفت إلى أن الوزارة بدأت فى إنشاء مراكز تطوير بحثى داخل بعض الشركات، بهدف تعزيز قدراتها على ابتكار منتجات جديدة وتحسين الكفاءة التشغيلية، مضيفًا أن الربط بين التصنيع والبحث العلمى بات شرطًا ضروريًا فى المرحلة المقبلة، خصوصًا مع سرعة تطور علوم الدواء عالميًا. وشدد على ضرورة خلق حلقة اتصال دائمة بين الجامعات والمراكز البحثية وبين مصانع الأدوية، لضمان استغلال الطاقات البحثية فى دعم الصناعة وتحقيق طفرات حقيقية فى الابتكار المحلى.

وأشار إلى أن بعض الشركات التابعة بدأت بالفعل فى تطوير خطوط إنتاج موجهة خصيصًا للتصدير، تتماشى مع المواصفات الدولية ومتطلبات التسجيل فى أسواق مستهدفة. وأوضح أن هناك شركات تقدمت بالفعل بطلبات للحصول على شهادات من منظمات دولية، ما سيعزز وضعها التنافسى ويزيد من قدرتها على دخول الأسواق الإفريقية والآسيوية والأوروبية.

وأكد أن الوزارة تعمل على تحسين بيئة العمل داخل الشركات التابعة، وتحديث نظم الحوكمة، وإدخال آليات رقمية فى إدارة المخازن والإنتاج والمبيعات، ما يهدف إلى زيادة الشفافية، وتقليل الفاقد، ورفع كفاءة التشغيل.

وأوضح أن التحول الرقمى أصبح عنصرًا أساسيًا فى خطة التطوير، لا سيما أن الاعتماد على الأنظمة التقليدية لم يعد مقبولًا فى صناعة سريعة التغير بحجم صناعة الدواء.

وأشار الوزير إلى أن ما يجرى فى شركات الأدوية التابعة يعكس تحولًا حقيقيًا فى طريقة التفكير والإدارة، وهو تحول يستهدف إرساء دعائم صناعة وطنية قادرة على المنافسة، وتوفير الدواء للمواطن المصرى بجودة عالمية وسعر مناسب، وفى الوقت نفسه فتح آفاق جديدة للتصدير والنمو المستدام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى