اقتصاد

أبرز مطالب صندوق النقد من مصر.. بين الإصلاح الاقتصادي والعبء على المواطن

جهاد علي

تواجه مصر ضغوطًا متزايدة من صندوق النقد الدولي في إطار برنامج إصلاحي جديد، مقابل الحصول على تمويل إضافي لمواجهة تحديات اقتصادية متفاقمة تشمل نقص العملة الأجنبية وارتفاع معدلات التضخم.

وتأتي هذه المطالب في وقت تشهد فيه البلاد أزمة اقتصادية خانقة دفعت بالحكومة لاتخاذ إجراءات غير مسبوقة، أثارت جدلاً واسعًا بين المواطنين والخبراء.

الاتفاق مع صندوق النقد

في مارس 2024، توصلت مصر إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يقضي بزيادة قيمة القرض المتفق عليه سابقًا من 3 مليارات دولار إلى نحو 8 مليارات، بعد مفاوضات طويلة شهدت مطالب متكررة من الصندوق بإصلاحات هيكلية عميقة وشفافة.

ويأتي هذا التمويل ضمن برنامج “تسهيل الصندوق الممدد” الذي يهدف لدعم الدول التي تعاني من اختلالات في ميزان المدفوعات.

أبرز مطالب الصندوق من مصر

  1.  تحرير سعر الصرف بالكامل

يعد مطلب تحرير سعر الصرف من أبرز النقاط التي يتمسك بها الصندوق. وقد شهدت مصر خلال العامين الماضيين عدة تخفيضات لقيمة الجنيه، إلا أن السوق الموازية للعملة ما زالت نشطة، مما يشير إلى فجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

ويطالب الصندوق بترك الجنيه يتحرك وفق آليات السوق بشكل كامل، ما قد يعني مزيدًا من الانخفاض للعملة في المدى القريب.

  1.  الحد من تدخل الدولة في الاقتصاد

يشدد صندوق النقد على ضرورة تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، خاصة من خلال تقليص امتيازات الشركات المملوكة للجيش وزيادة مساحة القطاع الخاص.

وقد تم التأكيد على أهمية إصدار قانون يضمن المنافسة العادلة ويمنع الاحتكار، كأحد البنود الأساسية في الاتفاق.

  1.  توسيع قاعدة الضرائب وتحسين كفاءة التحصيل

دعا الصندوق إلى تعزيز الإيرادات العامة للدولة من خلال توسيع القاعدة الضريبية، وزيادة الاعتماد على الضرائب غير المباشرة، وتحسين آليات التحصيل الإلكتروني، وتفعيل الفاتورة الإلكترونية. ويستهدف هذا المطلب تقليص العجز في الموازنة العامة وتقليل الاعتماد على الاقتراض الداخلي والخارجي.

  1.  خفض الإنفاق الحكومي وترشيد الدعم

يطالب الصندوق بخفض فاتورة الإنفاق الحكومي، خاصة دعم الطاقة والسلع التموينية، مع توجيه الدعم لمستحقيه فقط من خلال برامج الحماية الاجتماعية مثل “تكافل وكرامة”. وقد بدأت الحكومة بالفعل تطبيق زيادات تدريجية في أسعار الكهرباء والمحروقات.

  1.  إصلاحات هيكلية في بيئة الأعمال

أوصى الصندوق بإزالة العوائق الإدارية والقانونية أمام الاستثمار، وتبسيط إجراءات التراخيص، وتحسين مناخ الأعمال، خاصة للمستثمرين الأجانب. ويشمل ذلك تسريع العمل في قانون الإفلاس، وتسهيل الخروج من السوق، وتوفير شفافية في تخصيص الأراضي للمشروعات.

  1. زيادة الشفافية والإفصاح المالي

يركز الصندوق على ضرورة تعزيز الشفافية في المؤسسات الحكومية، خاصة فيما يتعلق ببيانات الموازنة العامة وأداء الشركات المملوكة للدولة، بما في ذلك الإفصاح عن الدين العام الحقيقي وضمان استقلالية البنك المركزي في إدارة السياسة النقدية.

ردود الفعل المحلية

أثارت هذه المطالب، وخاصة تحرير سعر الصرف وخفض الدعم، مخاوف لدى شريحة كبيرة من المواطنين من تأثيرات مباشرة على أسعار السلع والخدمات. فيما يرى خبراء أن الالتزام بهذه الإصلاحات ضروري لاستعادة ثقة المستثمرين وتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد.

ويرى الخبير الاقتصادي هاني جنينة أن “تحرير سعر الصرف دون حزم اجتماعي مصاحب قد يزيد من معاناة الفقراء، لذلك يجب أن تترافق الإصلاحات مع دعم نقدي مباشر للفئات الأكثر تضررًا.”

أين تقف الحكومة؟

أعلنت الحكومة التزامها بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، مع تعهدات بتخفيف آثارها على محدودي الدخل. وأكدت وزارة المالية أن الإصلاح الهيكلي هو الطريق الوحيد نحو اقتصاد أكثر استدامة، رغم “صعوبته على المدى القصير”.

 

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى