
كتبت: فاطمة إسماعيل
تواجه غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة التي قاربت على السنتين بداية من طوفان الأقصى أكتوبر 2023، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من نقص حاد في الغذاء والماء، وسط تدمير شبه كامل للبنية التحتية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الأساسية.
منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي في أكتوبر 2023، شهد قطاع غزة تصعيدًا عسكريًا أدى إلى مقتل أكثر من 31,600 فلسطيني، وتدمير نحو 70% من المباني، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والبنية التحتية الأساسية.
الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ سنوات، والذي تزايدت حدته خلال العام الماضي، أدى إلى إغلاق المعابر، ووقف إدخال المساعدات الإنسانية، وقطع إمدادات الماء والكهرباء، مما فاقم من معاناة السكان.
1. نفاد المخزون الغذائي
أعلن برنامج الأغذية العالمي في ديسمبر 2024 أن “حياة أكثر من مليوني فلسطيني توقفت مع عدم إمكانية الوصول إلى الغذاء والمياه والمأوى”، مشيرًا إلى أن “السيناريو الحالي من الصراع وانعدام الأمن والقيود” جعل من المستحيل تلبية الاحتياجات الإنسانية.
في يناير 2025، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أن الشركاء الإنسانيين في وسط غزة استنفدوا جميع الإمدادات في مستودعاتهم، في الوقت الذي تواصل فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي رفض معظم الطلبات لإدخال المساعدات الغذائية.
في ديسمبر 2024، حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن الفلسطينيين في قطاع غزة يُضطرون إلى النزوح مرارًا وتكرارًا، فيما يواجهون شحًا في الغذاء والماء.
2. ارتفاع أسعار المواد الغذائية
أدى الحصار المستمر إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل غير مسبوق. على سبيل المثال، وصل سعر كيس الدقيق إلى 200 دولار أمريكي، بينما بلغ سعر كرتونة البيض 100 دولار. هذا الارتفاع الحاد جعل الغذاء بعيد المنال بالنسبة للكثير من الأسر.
أزمة المياه والصرف الصحي
تسبب العدوان المستمر في تدمير شبكات المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى انقطاع المياه عن معظم المناطق. كما أن محطات معالجة المياه أصبحت خارج الخدمة، مما يهدد بتلوث المياه وانتشار الأمراض. أفادت الأمم المتحدة بأن 16% فقط من نقاط الخدمات الطبية في محافظة شمال غزة لا تزال تعمل إما بشكل كامل أو جزئي.
الوضع الصحي والإنساني
أدى نقص الغذاء والماء إلى تفشي سوء التغذية، خاصة بين الأطفال. أفادت الأمم المتحدة بأن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة في شمال غزة أعلى بثلاثة أمثال من تلك الموجودة في رفح في الجنوب. كما أن أكثر من 50 مطبخًا مجتمعيًا تقدم أكثر من 200 ألف وجبة يوميًا للمواطنين في وسط وجنوب غزة معرضة أيضًا لخطر الإغلاق في الأيام المقبلة.
تواجه المستشفيات نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، مما يهدد حياة المرضى. كما أن نقص الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية أدى إلى توقف العديد من المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل.
جهود الإغاثة والتحديات
رغم الجهود المبذولة من قبل المنظمات الإنسانية، إلا أن الوصول إلى المحتاجين يواجه تحديات كبيرة. أفادت الأمم المتحدة بأن مئات العاملين في المجال الإنساني قُتلوا منذ بداية العدوان، مما أثر سلبًا على جهود الإغاثة. كما أن عمليات الإغاثة تواجه صعوبة في الوصول إلى المناطق المتضررة بسبب الأوضاع الأمنية.
دعوات دولية
دعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء الحصار، وتوفير المساعدات الإنسانية، وضمان وصولها إلى جميع المناطق. كما دعت إلى محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني.
تواجه غزة تحديات إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء، وتدمير للبنية التحتية، وظروف صحية وإنسانية مأساوية. يتطلب الوضع تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتوفير المساعدات الإنسانية، وضمان وصولها إلى المحتاجين، والعمل على إنهاء الحصار وتحقيق السلام في المنطقة.
للمزيد : تابع العاصمة والناس، وللتواصل الاجتماعي تابعنا على فيسبوك وتويتر